خرمشهر

خرمشهر

فرهنگیان
خرمشهر

خرمشهر

فرهنگیان

الشاعر أحمد شوقی «اِختِلافُ النَهارِ وَاللَیلِ یُنسی»

اِختِلافُ النَهارِ وَاللَیلِ یُنسیاُذکُرا لِیَ الصِبا وَأَیّامَ أُنسی
وَصِفا لی مُلاوَةً مِن شَبابٍصُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ
عصفتْ کالصَّبا اللعوبِ ومرّتسِنة ً حُلوة ً، ولذَّة ُ خَلْس
وسلا مصرَ : هل سلا القلبُ عنهاأَو أَسا جُرحَه الزمان المؤسّی؟
کلما مرّت اللیالی علیهرقَّ ، والعهدُ فی اللیالی تقسِّی
مُستَطارٌ إذا البواخِرُ رنَّتْأَولَ اللیلِ، أَو عَوَتْ بعد جَرْس
راهبٌ فی الضلوع للسفنِ فَطْنکلما ثُرْنَ شاعَهن بنَقسْ
یا ابنة َ الیمِّ ، ما أبوکِ بخیلٌما له مولع بمنع وحبس
أَحرامٌ عَلى بَلابِلِهِ الدَوحُ حَلالٌ لِلطَیرِ مِن کُلِّ جِنسِ
کُلُّ دارٍ أَحَقُّ بِالأَهلِ إِلّافی خَبیثٍ مِنَ المَذاهِبِ رِجسِ
نَفسی مِرجَلٌ وَقَلبی شِراعٌبِهِما فی الدُموعِ سیری وَأَرسی
وَاِجعَلی وَجهَکِ الفَنارَ وَمَجراکِ یَدَ الثَغرِ بَینَ رَملٍ وَمَکسِ
وَطَنی لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُنازَعَتنی إِلَیهِ فی الخُلدِ نَفسی
وَهَفا بِالفُؤادِ فی سَلسَبیلٍظَمَأٌ لِلسَوادِ مِن عَینِ شَمسِ
شَهِدَ اللَهُ لَم یَغِب عَن جُفونیشَخصُهُ ساعَةً وَلَم یَخلُ حِسّی
یُصبِحُ الفِکرُ وَالمَسَلَّةُ نادیهِ وَبِالسَرحَةِ الزَکِیَّةِ یُمسی
وَکَأَنّی أَرى الجَزیرَةَ أَیکاًنَغَمَت طَیرُهُ بِأَرخَمَ جَرسِ
هِیَ بَلقیسُ فی الخَمائِلِ صَرحٌمِن عُبابٍ وَصاحَت غَیرُ نِکسِ
حَسبُها أَن تَکونَ لِلنیلِ عِرساًقَبلَها لَم یُجَنَّ یَوماً بِعِرسِ
لَبِسَت بِالأَصیلِ حُلَّةَ وَشیٍبَینَ صَنعاءَ فی الثِیابِ وَقَسِّ
قَدَّها النیلُ فَاِستَحَت فَتَوارَتمِنهُ بِالجِسرِ بَینَ عُریٍ وَلُبسِ
وَأَرى النیلَ کَالعَقیقِ بَوادیهِ وَإِن کانَ کَوثَرَ المُتَحَسّی
اِبنُ ماءِ السَماءِ ذو المَوکِبِ الفَخمِالَّذی یَحسُرُ العُیونَ وَیُخسی
لا تَرى فی رِکابِهِ غَیرَ مُثنٍبِخَمیلٍ وَشاکِرٍ فَضلَ عُرسِ
وَأَرى الجیزَةَ الحَزینَةَ ثَکلىلَم تُفِق بَعدُ مِن مَناحَةِ رَمسی
أَکثَرَت ضَجَّةَ السَواقی عَلَیهِوَسُؤالَ الیَراعِ عَنهُ بِهَمسِ
وَقِیامَ النَخیلِ ضَفَّرنَ شِعراًوَتَجَرَّدنَ غَیرَ طَوقٍ وَسَلسِ
وَکَأَنَّ الأَهرامَ میزانُ فِرعَونَ بِیَومٍ عَلى الجَبابِرِ نَحسِ
أَو قَناطیرُهُ تَأَنَّقَ فیهاأَلفُ جابٍ وَأَلفُ صاحِبِ مَکسِ
رَوعَةٌ فی الضُحى مَلاعِبُ جِنٍّحینَ یَغشى الدُجى حِماها وَیُغسی
وَرَهینُ الرِمالِ أَفطَسُ إِلّاأَنَّهُ صُنعُ جِنَّةٍ غَیرُ فُطسِ
تَتَجَلّى حَقیقَةُ الناسِ فیهِسَبُعُ الخَلقِ فی أَساریرِ إِنسی
لَعِبَ الدَهرُ فی ثَراهُ صَبِیّاًوَاللَیالی کَواعِباً غَیرَ عُنسِ
رَکِبَت صُیَّدُ المَقادیرِ عَینَیهِلِنَقدٍ وَمَخلَبَیهِ لِفَرسِ
فَأَصابَت بِهِ المَمالِکَ کِسرىوَهِرَقلاً وَالعَبقَرِیَّ الفَرَنسی
یا فُؤادی لِکُلِّ أَمرٍ قَرارٌفیهِ یَبدو وَیَنجَلی بَعدَ لَبسِ
عَقَلَت لُجَّةُ الأُمورِ عُقولاًطالَت الحوتَ طولَ سَبحٍ وَغَسِّ
غَرِقَت حَیثُ لا یُصاحُ بِطافٍأَو غَریقٍ وَلا یُصاخُ لِحِسِّ
فَلَکٌ یَکسِفُ الشُموسَ نَهاراًوَیَسومُ البُدورَ لَیلَةَ وَکسِ
وَمَواقیتُ لِلأُمورِ إِذا مابَلَغَتها الأُمورُ صارَت لِعَکسِ
دُوَلٌ کَالرِجالِ مُرتَهَناتٌبِقِیامٍ مِنَ الجُدودِ وَتَعسِ
وَلَیالٍ مِن کُلِّ ذاتِ سِوارٍلَطَمَت کُلَّ رَبِّ رومٍ وَفُرسِ
سَدَّدَت بِالهِلالِ قَوساً وَسَلَّتخِنجَراً یَنفُذانِ مِن کُلِّ تُرسِ
حَکَمَت فی القُرونِ خوفو وَداراوَعَفَت وائِلاً وَأَلوَت بِعَبسِ
أَینَ مَروانُ فی المَشارِقِ عَرشٌأَمَوِیٌّ وَفی المَغارِبِ کُرسی
سَقِمَت شَمسُهُم فَرَدَّ عَلَیهانورَها کُلُّ ثاقِبِ الرَأیِ نَطسِ
ثُمَّ غابَت وَکُلُّ شَمسٍ سِوى هاتیکَ تَبلى وَتَنطَوی تَحتَ رَمسِ
وَعَظَ البُحتُرِیَّ إیوانُ کِسرىوَشَفَتنی القُصورُ مِن عَبدِ شَمسِ
رُبَّ لَیلٍ سَرَیتُ وَالبَرقُ طِرفیوَبِساطٍ طَوَیتُ وَالریحُ عَنسی
أَنظِمُ الشَرقَ فی الجَزیرَةِ بِالغَربِ وَأَطوی البِلادَ حَزناً لِدَهسِ
فی دِیارٍ مِنَ الخَلائِفِ دَرسٍوَمَنارٍ مِنَ الطَوائِفِ طَمسِ
وَرُبىً کَالجِنانِ فی کَنَفِ الزَیتونِ خُضرٍ وَفی ذَرا الکَرمِ طُلسِ
لَم یَرُعنی سِوى ثَرىً قُرطُبِیٍّلَمَسَت فیهِ عِبرَةَ الدَهرِ خَمسی
یا وَقى اللَهُ ما أُصَبِّحُ مِنهُوَسَقى صَفوَةَ الحَیا ما أُمَسّی
قَریَةٌ لا تُعَدُّ فی الأَرضِ کانَتتُمسِکُ الأَرضَ أَن تَمیدَ وَتُرسی
غَشِیَت ساحِلَ المُحیطِ وَغَطَّتلُجَّةَ الرومِ مِن شِراعٍ وَقَلسِ
رَکِبَ الدَهرُ خاطِری فی ثَراهافَأَتى ذَلِکَ الحِمى بَعدَ حَدسِ
فَتَجَلَّت لِیَ القُصورُ وَمَن فیها مِنَ العِزِّ فی مَنازِلَ قُعسِ
ما ضَفَت قَطُّ فی المُلوکِ عَلى نَذلِ المَعالی وَلا تَرَدَّت بِنَجسِ
وَکَأَنّی بَلَغتُ لِلعِلمِ بَیتاًفیهِ ما لِلعُقولِ مِن کُلِّ دَرسِ
قُدُساً فی البِلادِ شَرقاً وَغَرباًحَجَّهُ القَومُ مِن فَقیهٍ وَقَسِّ
وَعَلى الجُمعَةِ الجَلالَةُ وَالناصِرُ نورُ الخَمیسِ تَحتَ الدَرَفسِ
یُنزِلُ التاجَ عَن مَفارِقِ دونٍوَیُحَلّى بِهِ جَبینَ البِرِنسِ
سِنَةٌ مِن کَرىً وَطَیفُ أَمانٍوَصَحا القَلبُ مِن ضَلالٍ وَهَجسِ
وَإِذا الدارُ ما بِها مِن أَنیسٍوَإِذا القَومُ ما لَهُم مِن مُحِسِّ
وَرَقیقٍ مِنَ البُیوتِ عَتیقٌجاوَزَ الأَلفَ غَیرَ مَذمومِ حَرسِ
أَثَرٌ مِن مُحَمَّدٍ وَتُراثٌصارَ لِلروحِ ذی الوَلاءِ الأَمَسِّ
بَلَغَ النَجمَ ذِروَةً وَتَناهىبَینَ ثَهلانَ فی الأَساسِ وَقُدسِ
مَرمَرٌ تَسبَحُ النَواظِرُ فیهِوَیَطولُ المَدى عَلَیها فَتُرسی
وَسَوارٍ کَأَنَّها فی اِستِواءٍأَلِفاتُ الوَزیرِ فی عَرضِ طِرسِ
فَترَةُ الدَهرِ قَد کَسَت سَطَرَیهاما اِکتَسى الهُدبُ مِن فُتورٍ وَنَعسِ
وَیحَها کَم تَزَیَّنَت لِعَلیمٍواحِدِ الدَهرِ وَاِستَعدَت لِخَمسِ
وَکَأَنَّ الرَفیفَ فی مَسرَحِ العَینِ مُلاءٌ مُدَنَّراتُ الدِمَقسِ
وَکَأَنَّ الآیاتِ فی جانِبَیهِیَتَنَزَّلنَ فی مَعارِجِ قُدسِ
مِنبَرٌ تَحتَ مُنذِرٍ مِن جَلالٍلَم یَزَل یَکتَسیهِ أَو تَحتَ قُسِّ
وَمَکانُ الکِتابِ یُغریکَ رَیّاوَردِهِ غائِباً فَتَدنو لِلَمسِ
صَنعَةُ الداخِلِ المُبارَکِ فی الغَربِ وَآلٍ لَهُ مَیامینَ شُمسِ
مَن لِحَمراءَ جُلِّلَت بِغُبارِ الدَهرِ کَالجُرحِ بَینَ بُرءٍ وَنُکسِ
کَسَنا البَرقِ لَو مَحا الضَوءُ لَحظاًلَمَحَتها العُیونُ مِن طولِ قَبسِ
حِصنُ غِرناطَةَ وَدارُ بَنی الأَحمَرِ مِن غافِلٍ وَیَقظانَ نَدسِ
جَلَّلَ الثَلجُ دونَها رَأسَ شیرىفَبَدا مِنهُ فی عَصائِبَ بِرسِ
سَرمَدٌ شَیبُهُ وَلَم أَرَ شَیباًقَبلَهُ یُرجى البَقاءَ وَیُنسی
مَشَتِ الحادِثاتُ فی غُرَفِ الحَمراءِ مَشیَ النَعِیِّ فی دارِ عُرسِ
هَتَکَت عِزَّةَ الحِجابِ وَفَضَّتسُدَّةَ البابِ مِن سَمیرٍ وَأُنسِ
عَرَصاتٌ تَخَلَّتِ الخَیلُ عَنهاوَاِستَراحَت مِن اِحتِراسٍ وَعَسِّ
وَمَغانٍ عَلى اللَیالی وِضاءٌلَم تَجِد لِلعَشِیِّ تَکرارَ مَسِّ
لا تَرى غَیرَ وافِدینَ عَلى التاریخِ ساعینَ فی خُشوعٍ وَنَکسِ
نَقَّلوا الطَرفَ فی نَضارَةِ آسٍمِن نُقوشٍ وَفی عُصارَةِ وَرسِ
وَقِبابٍ مِن لازَوَردٍ وَتِبرٍکَالرُبى الشُمِّ بَینَ ظِلٍّ وَشَمسِ
وَخُطوطٍ تَکَفَّلَت لِلمَعانیوَلِأَلفاظِها بِأَزیَنَ لَبسِ
وَتَرى مَجلِسَ السِباعِ خَلاءًمُقفِرَ القاعِ مِن ظِباءٍ وَخَنسِ
لا الثُرَیّا وَلا جَواری الثُرَیّایَتَنَزَّلنَ فیهِ أَقمارَ إِنسِ
مَرمَرٌ قامَتِ الأُسودُ عَلَیهِکَلَّةَ الظُفرِ لَیِّناتِ المَجَسِّ
تَنثُرُ الماءَ فی الحِیاضِ جُماناًیَتَنَزّى عَلى تَرائِبَ مُلسِ
آخَرَ العَهدِ بِالجَزیرَةِ کانَتبَعدَ عَرکٍ مِنَ الزَمانِ وَضَرسِ
فَتَراها تَقولُ رایَةُ جَیشٍبادَ بِالأَمسِ بَینَ أَسرٍ وَحَسِّ
وَمَفاتیحُها مَقالیدُ مُلکٍباعَها الوارِثُ المُضیعُ بِبَخسِ
خَرَجَ القَومُ فی کَتائِبَ صُمٍّعَن حِفاظٍ کَمَوکِبِ الدَفنِ خُرسِ
رَکِبوا بِالبِحارِ نَعشاً وَکانَتتَحتَ آبائِهِم هِیَ العَرشُ أَمسِ
رُبَّ بانٍ لِهادِمٍ وَجَموعٍلِمُشِتٍّ وَمُحسِنٍ لِمُخِسِّ
إِمرَةُ الناسِ هِمَّةٌ لا تَأَنّىلِجَبانٍ وَلا تَسَنّى لِجِبسِ
وَإِذا ما أَصابَ بُنیانَ قَومٍوَهیُ خُلقٍ فَإِنَّهُ وَهیُ أُسِّ
یا دِیاراً نَزَلتُ کَالخُلدِ ظِلّاًوَجَنىً دانِیاً وَسَلسالَ أُنسِ
مُحسِناتِ الفُصولِ لا ناجِرٌ فیها بِقَیظٍ وَلا جُمادى بِقَرسِ
لا تَحِشَّ العُیونُ فَوقَ رُباهاغَیرَ حورٍ حُوِّ المَراشِفِ لُعسِ
کُسِیَت أَفرُخی بِظِلِّکِ ریشاًوَرَبا فی رُباکِ وَاِشتَدَّ غَرسی
هُم بَنو مِصرَ لا الجَمیلُ لَدَیهِمُبِمُضاعٍ وَلا الصَنیعُ بِمَنسی
مِن لِسانٍ عَلى ثَنائِکِ وَقفٌوَجَنانٍ عَلى وَلائِکِ حَبسِ
حَسبُهُم هَذِهِ الطُلولُ عِظاتٍمِن جَدیدٍ عَلى الدُهورِ وَدَرسِ
وَإِذا فاتَکَ اِلتِفاتٌ إِلى الماضی فَقَد غابَ عَنکَ وَجهُ التَأَسّی